فصل: مقدمة الطبعة الثانية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدخل لدراسة القرآن الكريم




.مقدمة الكتاب:

.مقدمة الطبعة الثالثة:

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، والصلاة والسلام على شفيعنا يوم المآب.
أما بعد: فإن الله تعالى أنزل خاتم كتبه، على خير أنبيائه ورسله؛ ليكون كلمة الله الأخيرة للعالمين، فانقسم الناس في تلقّيه أحزابا {فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر: 32].
ولئن كان هذا القرءان {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23] فإن هناك من {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ} [التوبة: 32] وما يزال هذا دأبهم جيلا بعد جيل {أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ} [الذاريات: 53] فكان الواجب على علماء الأمة خدمة كتابها، وتبيين علومه، والذبّ عنه، خاصة في تلك الأوقات العصيبة التي تنطلق فيها سهام التشكيك من كل صوب، من وسائل الإعلام العالمية المتنوعة المرئية والمسموعة والمقروءة.
ولن تعدم خير الأمم من يقوم بهذا الواجب، فما زالت أيدي علمائها تسطّر من العلوم وتزيل الشبهات بما تبهر به العقول، وتقر أعين المؤمنين، وتنكّس رءوس المنافقين.
وكتاب المدخل لفضيلة الشيخ العلامة الدكتور محمد أبو شهبة يعد حسن الختام لما كتب في هذا المجال، فقد جمع فيه بين عمق المعرفة، وسلاسة الأسلوب.
جمع بين علوم القرءان على نهج المتقدمين، وبين تفنيده لشبهات المستشرقين، مع أدب عال في النقد والحوار، وغيرة شديدة على الإسلام وكتابه وعقيدته الصافية.
وها هو الكتاب يطبع للمرة الثالثة بعد أن نفدت طبعته الثانية تماما، وذلك لما جمع فيه من العلم الغزير مع النية الطيبة الحسنة، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.
وكان المؤلف رحمه الله قد ألحق بقلمه زيادات وتنقيحات على الطبعة الأولى للكتاب، فلما طبع الطبعة الثانية أدخلت هذه الزيادات فيها، ولكنها للأسف أحيانا أدخلت في غير موضعها! وفي أحايين قليلة استبدلت بعض الكلمات ظنا من المصحح أنها تصحيف!
لكن بحمد الله قمنا في هذه الطبعة بالمقابلة على الأصل- كما هو منهج المحدثين- فأرجعنا الزيادات إلى أماكنها الصحيحة، واستبقينا الكلمات التي صاغها المؤلف بيده إذا تبين أنها صحيحة لغة، وأن المؤلف قصدها بعينها.
وإذا كانت مكتبتنا تشرف بمثل هذا الكتاب، فلا ريب أن المكتبة الإسلامية تزداد به حسنا وبهاء.
نسأل الله أن يرحم المؤلف رحمة واسعة على ما قدم لخدمة كتابه، ونسأله سبحانه أن يوفقنا لما فيه رضاه، وأن يجزي خيرا كل من ساهم في خدمة الكتاب وتصحيحه، والقيام على نشره، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مركز السنة للبحث العلمي بالقاهرة.

.مقدمة الطبعة الثانية:

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله الذي علّم القرآن، خلق الإنسان، علّمه البيان، والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: «ما من نبي من الأنبياء إلا وآتاه الله من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة».
وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فقد نفدت الطبعة الأولى من هذا الكتاب القويم الذي يدور في فلك القرآن الكريم، من منذ بضع سنين.
وقد رغب إليّ الكثيرون ممن قرءوه وانتفعوا به، من طلاب جامعة الأزهر الشريف، وغيرهم من طلاب المعرفة وعشاق الثقافة الإسلامية الأصيلة؛ هذه الثقافة التي تدور حول الأصلين الشريفين: القرآن الكريم، والسنة النبوية المنيفة.
وقد رأيت أن تجيء هذه الطبعة الثانية- كما هي سنة الله في التطور والارتقاء- مشتملة على مزيد من التحقيقات، ومن الموضوعات التي لا يستغني عنها الدعاة الذين نصبوا أنفسهم للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ولاسيما فيما أورده المستشرقون والمبشرون على القرآن من شبهات، فقد عرضت للشبه التي أثيرت على الوحي، ورددتها بالقواعد العلمية الصحيحة لا بالعاطفة والعصبية.
وكذلك زدت بحوثا حول ثبوت النص القرآني بالتواتر المفيد للقطع واليقين، وسلامة هذ النص من التحريف والتبديل، وهي خصيصة للقرآن لم تتوافر لأي كتاب آخر سماوي.
وكذلك زدت فيه بحوثا حول نزول القرآن على سبعة أحرف، ورد شبه بعض المستشرقين في هذا، والكتاب المعاصرين الذين لم يأخذوا من الدراسات القرآنية بحظ وافر.
والله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يجعل عملي مقبولا، وأجري موصولا، إنه سميع مجيب، وهو حسبي! ونعم الوكيل.
أبو عمر محمد بن محمد أبو شهبة

.مقدمة الطبعة الأولى:

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله الذي أنزل على عبده محمد القرآن مشتملا على الحكم والأحكام والمواعظ والآداب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي خصه الله بجوامع الكلم، وآتاه الحكمة وفصل الخطاب، وعلى آله وصحابته، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الحساب.
أما بعد: فإن أحق ما يشتغل به الباحثون، وأفضل ما يتسابق فيه المتسابقون- مدارسة كتاب الله، ومداومة البحث فيه، والغوص عن لآلئه والكشف عن علومه وحقائقه، وإظهار إعجازه وتجلية محاسنه، والدفاع عن ساحته ونفي الشكوك والريب فيه، والقرآن بحر لا يدرك غوره، ولا تنفد درره، ولا تنقضي عجائبه، فما أحق الأعمار أن تفنى فيه، والأزمان أن تشغل به، وكل ساعة يقضيها الباحث في النظر في كتاب الله، والتأمل فيه أو في البحث فيما يتصل به، في سبيل الله، وفي سبيل الإسلام.
ولما أسند إليّ تدريس علوم القرآن بقسم الدراسات العليا بكلية أصول الدين من كليات الجامعة الأزهرية رأيت أن أضع في هذا مؤلفا وسطا: لا هو بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل؛ ليكون مرجعا لطلاب هذا القسم وغيرهم من عشاق القرآن وعلومه. ولما كانت مباحث هذا العلم مدخلا وسبيلا لدراسة القرآن الكريم وفهمه وتدبره لم أجد نفسي في حاجة إلى أن أتكلف لهذا المؤلف اسما وسميته: المدخل لدراسة القرآن الكريم، ويعتبر هذا المدخل أول كتاب ألف في هذا الفن، من أحد رجال الطبقة التي تلي طبقة شيوخنا وأول باكورة شهية، لقسم الدراسات العليا شعبة التفسير وعلومه، والحديث وعلومه أقول هذا تحدثا بنعمة الله عليّ ولله الحمد، والمنة. والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه، وأن يجعل نفعه عاما موصولا.
أبو عمر محمد بن محمد أبو شهبة

.التعريف بالقرآن الكريم:

القرآن الكريم: هو كتاب الله عز وجل المنزل على خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه، المنقول بالتواتر المفيد للقطع واليقين المكتوب في المصاحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس.
أحكمه الله فأتقن إحكامه، وفصّله فأحسن تفصيله، وصدق الله {كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1]، لا يتطرق إلى ساحته نقض ولا إبطال.
وصدق العلي العظيم حيث يقول: {وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41- 42].
وهو المعجزة العظمى، والحجّة البالغة الباقية على وجه الدهر لرسول البشرية سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، تحدى به الناس كافة، والإنس والجن أن يأتوا بمثله، أو ببعضه فباءوا بالعجز والبهر.
وقد وقع التحدي بالقرآن على مرات متعددة، كي تقوم عليهم الحجة تلو الحجة، وتنقطع المعذرة.
تحداهم أولا أن يأتوا بمثله فعجزوا وما استطاعوا، قال عز شأنه في سورة الإسراء المكية الآية [88]: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}.
وقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ} سورة الطور المكية الآية [33- 34].
ثم تحداهم: أن يأتوا بعشر سور مثله، فما قدروا، قال تعالى في سورة هود المكية الآية [13- 14]: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي أسلموا، فهو طلب برفق ولين وهو لون من ألوان أدب الخطاب في القرآن.
ثم تحداهم مرة ثالثة: بأن يأتوا بسورة منه، أيّ سورة مهما قصرت، كسورة الكوثر فما رفعوا بذلك رأسا، قال تعالى في سورة يونس المكية الآية [38- 39]: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ}.
وهذا الذي ارتضاه جمهور العلماء وارتضيته في ترتيب آيات التحدي هو ما يجب أن يصار إليه، ومن العلماء من يجعل آية يونس متقدمة على آية هود؛ لتقدم نزول سورة يونس على نزول سورة هود، فيجعل التحدي بسورة قبل التحدي بعشر سور، والجواب أنه على فرض تسليم ذلك فلا يمنع من تأخر نزول آية في سورة متقدمة، على نزول آية في سورة متأخرة، على أن بعض العلماء يرى تقدم سورة هود على سورة يونس؛ وحينئذ يكون ما ذهبنا إليه هو الحق والصواب، وإذا كان مستقبحا في الكلام العادي التحدي بشيء فإذا عجز تحداه بعشرة أمثاله فما بالك بأبلغ الكلام، وأحكمه هذا ما لا يمكن أن يكون في الكتاب المعجز المبين ثم كرر التحدي بسورة ما، فقال في سورة البقرة المدنية [الآية 23- 24]: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ}.
فألقموا حجرا، ولم ينبسوا في المعارضة بكلمة...!
وبذلك ثبت إعجاز القرآن على أبلغ وجه وآكده، وإذا ثبت عجز العرب فغيرهم بالعجز أحرى وأولى.